أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

تعرف على تاريخ مدينة الدار البيضاء العريق عبر أبرز محطاتها التاريخية

اكتشف مراحل تطور الدار البيضاء من أنفا القديمة إلى القلب الاقتصادي للمغرب

منظر تاريخي لمدينة الدار البيضاء القديمة بالأبيض والأسود
لمحة تاريخية عن أنفا والدار البيضاء كما ظهرت قبل تطورها الحديث

ان مدينة الدار البيضاء هي أكبر مدينة في المملكة المغربية، و حضارتها ضاربة في جدور التاريخ، فبعض الأبحاث خلصت من خلال العثور على جمجمة الى أن الحياة على هذه المدينة تعود الى حوالي 300 ألف عام، و عبر فترات تاريخية عديدة كانت محل أطماع أجنبية نظرا لموقعها الاستراتيجي المطل على المحيط الأطلسي.

من خلال مقالنا هدا سنحاول التطرق الى أهم المراحل التاريخية المتعلقة بالعاصمة الاقتصادية و القلب النابض للمغرب، و دلك انطلاقا من التأسيس الى غزوها و تدميرها، و بعدها إعادة بنائها، ثم استعمارها من قبل الفرنسيين،  ووصولا الى أهميتها حاليا داخل المملكة المغربية. 

تأسيس مدينة الدار البيضاء ومختلف تسمياتها

التأسيس و الاحتلال 

كانت تعرف مدينة الدار البيضاء قديما باسم أنفا، و هناك من المؤرخين من يقول على أن الرومان هم من قاموا ببنائها، في حين أن البعض الآخر يقول على أن الفينيقيون هم من أسسوا نواتها الأولى، مع الإشارة الى أن غالبية المؤرخين يرجحون أن الفينيقيون هم الذين وضعوا لبناتها الأولى.

ان اسم "أنفا" هو اسم أمازيغي و يعبر عن الهضبة، و لدلك يقول بعض المؤرخين أن المدينة في شكلها الأساسي كإحدى كبريات الحواضر، ظهرت في عهد الامارة البورغواطية خلال الحقبة ما بين القرنين الثامن و الحادي عشر الميلادي.

في المقابل هناك وجهة نظر مؤرخين آخرين مفادها أن المدينة ظهرت في العهد الموحدي و دلك خلال القرن الثاني عشر، و عرفت بعدها ازدهارا كبيرا خلال فترة حكم الدولة المرينية ما بين القرنين الثالث عشر و الخامس عشر، و بعد هذا الحقبة تمكنت البرتغال و اسبانيا من احتلالها و الدين قاموا بتدميرها، ليتم طردهم منها فيما بعد و إعادة بنائها من قبل السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله في الفترة ما بين عامي 1757 م و 1790 م.

أهم تسميات المدينة 

من أسماء مدينة الدار البيضاء و ذلك الى جانب اسم "أنفا" هو الاسم المشهورة به سابقا، هناك اسم "كازابلانكا" الدي أطلق عليها من طرف المستعمر البرتغالي، و ترجمته هي "الدار البيضاء " الدي يعد الاسم الرسمي للمدينة، و دلالة الاسم يتعلق بمنزل طلاءه أبيض كان المحتل يجعله كعلامة ترشدهم من البحر للتعرف على مكان المدينة.

غزو و تدمير مدينة الدار البيضاء من طرف البرتغال

لقد كانت مدينة الدار البيضاء "أنفا" سابقا، محل أطماع البرتغاليين و الاسبان، فهي كانت و لاتزال تمثل كبريات حواضر المغرب و محورا اقتصاديا و تجاريا مهما، لا سيما عبر البحر، و قد كان البرتغال يحاولون احتلالها مرات عديدة، غير أنهم كانوا يقابلون بمقاومة شرسة، بل و كانوا يتعرضون للهجوم بحرا على سفنهم و الوصول الى أراضيهم، كما أن رجالها شاركوا في فك الحصار على المسلمين في الجزيرة الخضراء، الدي ضربه حينها الاسبان عليها و كان دلك عام 1278 ميلادية.

صورة تجسد غزو البرتغاليين لمدينة أنفا بالأبيض والأسود
مشهد تاريخي يجسّد مرحلة الغزو البرتغالي والصراع على أنفا

نظرا لقوة و شراسة المقاومة المغربية حينها التي ساهمت في تكبد البرتغال خسائر فادحة خلال كل الحروب التي دارت بينهم و بين المغاربة، فان ملكهم ألفونسو الخامس أعد جيشا ضخما قدر بعشرة آلاف محارب و ما يزيد عن خمسين زورق حربي بحري، و توجه به نحو المدينة لمهاجمتها، فلما وصل الخبر الى سكانها غادروها فورا للنجاة بأنفسهم، غير أن المحتل رغم دلك و علمه بمغادرة سكانها فقد عمد الى تدميرها عن بكرة أبيها، و كان هذا الحدث الأليم عام 1468 ميلادية.

إعادة بناء المدينة و احيائها و تطويرها

بعد تدمير المدينة تماما من طرف البرتغال، ظلت على حالها مهجورة طيلة مدة ناهزت القرنين، ليقرر السلطان محمد بن عبد الله تشييدها من جديد، و ذلك عندما تبصر لموقعها الاستراتيجي المهم، فتم الشروع في البناء فعليا خلال أواخر القرن 18 الميلادي، و بعد بنائها هاجر اليها مجموعة من سكان القبائل المجاورة و أهمهم "أولاد حدو"، "الهراويين"، "الشاوية"، "دكالة"، ... و بواسطة مجموعة من رجالهم قام السلطان بتقوية و دعم الجيش البخاري القوي و المتمرس، و هو الدي أصبح بعدها صمام يشكل صمام أمان للمدينة و حمايتها من كل الغزوات و الهجمات المحتملة.

الاحتلال الفرنسي لمدينة الدار البيضاء

لقد حاولت فرنسا احتلال المدينة مند سنة 1907 ميلادية، من أجلال استغلال ثرواتها الكبيرة، و كانت تتصادم بمقاومة جيشها و تفشل في هدفها، غير أنه بعد فرض الحماية على المغرب عام 1912 ميلادية، تمكنت من الدخول و التوغل عبر عدة مناطق مغربية، لتصل فيما بعد الى عمق المدينة، و حينها شرع المستعمر بداية في تهيئة و توسيع مينائها الدي كان البوابة الرئيسية لنقل المواد المختلفة المنهوبة الى بلادهم، و تم ربطه بشبكة السكة الحديدية لتسهيل نقلها من مختلف مناطق المغرب.

أهم الأحداث التي عرفتها المدينة خلال فترة الاستعمار

شهدت الدار البيضاء خلال الحقبة الاستعمارية مجموعة من الأحداث البارزة التي لعبت دورًا مهمًا في تاريخ المغرب، ومن أبرزها:

 أبرز محطات المقاومة والأحداث السياسية

  • برز عدد من رجال المقاومة الأقوياء، وعلى رأسهم محمد الزرقطوني، الذي كانت انطلاقة العديد من العمليات الفدائية من قلب الدار البيضاء.
  • عمليات المقاومة تكللت بالنجاح في عدة مناسبات، وألحقت خسائر كبيرة بالقوات الغازية.
  • بعد هزيمة فرنسا أمام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وتوقيع معاهدة الهدنة عام 1940، ازدادت المخاوف الدولية من تحركات ألمانيا في المنطقة.
  • الولايات المتحدة كانت تخشى سيطرة الألمان على مضيق جبل طارق، ما جعل الدار البيضاء مركزًا مهمًا للعمليات العسكرية الأمريكية.
  • في سنة 1947 ميلادية، قام السلطان محمد الخامس برحلة تاريخية بالقطار من الدار البيضاء إلى طنجة، تأكيدًا على وحدة التراب الوطني وتلاحم الشعب مع الملك.
  • بفضل موقع المدينة وأهميتها الاستراتيجية، احتضنت الدار البيضاء عدة مؤتمرات لقوى الحلفاء خلال الحرب، بحضور شخصيات دولية بارزة مثل:
             - روزفلت فرانكلين – رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
             - تشرشل – وزير إنجلترا
             - شارل دوغول – رئيس أركان القوات الفرنسية

لعبت هذه اللقاءات دورًا في دعم الولايات المتحدة لملف استقلال المغرب بعد اجتماع محمد الخامس بالرئيس الأمريكي.

أبرز الأحداث خلال الاستعمار

الحدث

السنة/الفترة

الأثر التاريخي

بروز المقاومة بقيادة الزرقطوني

ثلاثينيات – أربعينيات القرن 20

تنفيذ عمليات ناجحة أربكت القوات الاستعمارية

توقيع معاهدة الهدنة بين ألمانيا وفرنسا

1940

تحوّل موقع الدار البيضاء إلى مركز عمليات للحلفاء

زيارة محمد الخامس إلى طنجة

1947

تعزيز وحدة المغرب وإعلان رمزي عن السيادة الوطنية

مؤتمرات الحلفاء في الدار البيضاء

الأربعينيات

قرارات ديبلوماسية مهمة ودعم ملف استقلال المغرب

لقاء محمد الخامس بالرئيس الأمريكي

خلال الحرب العالمية الثانية

حصل المغرب على دعم مباشر لاستقلاله لاحقًا

أهمية مدينة الدار البيضاء بعد الاستقلال.

ظلت مدينة البيضاء "كازابلانكا" على مر التاريخ، كبرى حواضر المملكة المغربية، و دعامة أساسية في المنظومة الاقتصادية و التجارية و الصناعية بالمغرب، و بعد الاستقلال أصبحت القطب الاقتصادي الأول وطنيا، حيث تضم حاليا كبريات المعامل و المصانع و الأسواق التجارية و المالية، .... فهي تمثل رحى الاقتصاد المغربي و شريانه الأساسي، لاسيما توفرها على ميناء ضخم ترسو فيه أضخم السفن و البوارج، و مطار دولي بمعايير عالمية و غيرها من البنيات التحتية المتنوعة التي تساعد في تطوير عجلة الاقتصاد.

منظر حديث لمدينة الدار البيضاء يظهر مسجد الحسن الثاني على الساحل
لقطة مميزة لواجهة الدار البيضاء البحرية ومعلمها الأبرز مسجد الحسن الثاني

خلاصة

تبقى مدينة الدار البيضاء "أنفا" سالفا، من المدن التاريخية المهمة داخل المغرب، بصمت على أحداث تاريخية مهمة في مراحل مختلفة في الزمن، و تضم معالم تاريخية تشهد الى حد اليوم على عراقتها، و من بينها "ساحة الأمم " أو ما يعرف محليا ب "الكرة الأرضية"، إضافة الى المدينة العتيقة، و غيرها لكن يبقى أبرز معالمها في التاريخ الحديث مسجد الحسن الثاني كمنارة رئيسية و له رمزية خاصة داخل المدينة و الدي شيده المرحوم الملك الحسن الثاني فوق مياه البحر بإطلالة رائعة على المحيط الأطلسي.

إذا أعجبك هذا المقال عن تاريخ مدينة الدار البيضاء العريق، فلا تتردد في مشاركته مع الآخرين، واترك لنا رأيك أو تجربتك مع هذه المدينة المميزة في التعليقات.
مشاركتك تساعدنا على تقديم محتوى أفضل يحافظ على ذاكرة المغرب وتاريخه المجيد.
ل . رشيد
ل . رشيد
تعليقات