أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

عادات وتقاليد أكادير: موروث أمازيغي يعانق الأصالة والسحر الثقافي

من رقصة أحواش إلى كرنفال بوجلود… تقاليد أكادير تنبض بالحياة والهوية

احتفال أمازيغي تقليدي في أكادير على أنغام رقصة أحواش
مشهد من رقصة "أحواش" الأمازيغية التي تُجسد تراث أكادير الغني بالأصالة والفرح الجماعي

تزخر مدينة أكادير، عاصمة سوس ماسة في المغرب، بعادات وتقاليد أصيلة ضاربة في عمق التاريخ، تُجسّد روح الحضارة المغربية وجمال التنوع الأمازيغي، فهذه المدينة الساحلية لا تفتن الزائر فقط بشواطئها الخلابة، بل أيضًا بموروثها الثقافي الغني الذي يجمع بين الطقوس القديمة والممارسات الحديثة في انسجام فريد.

وتتجلى خصوصية أكادير في كون تقاليدها ليست مجرد عادات يومية، بل رموز تحمل دلالات روحية واجتماعية متوارثة عبر الأجيال، ممزوجة بأساطير تُروى إلى اليوم، وتُشكّل جزءًا من الهوية الثقافية العميقة لأهل سوس.

احتفالات السنة الأمازيغية في أكادير

يحتفل الأمازيغ بين يومي 12 و13 يناير من كل عام برأس السنة الأمازيغية، وهو عيد يرتبط بالتقويم الفلاحي ويُعتبر رمزًا للتجدد والخصوبة، ومن أبرز طقوس هذا الاحتفال أن النساء يضعن ثلاث لقمات من الطعام وينمن فوق أسطح المنازل، في إشارة إلى الشهور الثلاثة الأولى من السنة (يناير، فبراير، مارس)، ولطلب الغيث والمطر يُرشّ المكان بالملح.

كما تُعدّ النساء طبق الكسكس التقليدي، ويُخفين في داخله نواة تمر، ومن يعثر عليها أثناء الأكل يُعدّ الأكثر حظًا في السنة القادمة، حسب المعتقد الشعبي، كما أن هناك من يعتقد أن من يجد النواة “ستكون مفاتيح خزائن القبائل بيده”، في دلالة رمزية على الرزق والبركة.

نساء أمازيغيات في أكادير يحضرن طبق الكسكس في رأس السنة الأمازيغية
مشهد من إعداد الكسكس الأمازيغي التقليدي في أكادير احتفاءً بالسنة الفلاحية الجديدة

مراسيم وطقوس الأعراس في مدينة أكادير

تتّسم حفلات الزواج في جهة سوس بطابعها الأصيل الذي يجمع بين الفرح الجماعي والموروث الفني الأمازيغي، حيث تبدأ الاحتفالات بما يُعرف بـ "أحواش"، وهو رقص جماعي يُرافقه الغناء والإيقاع الموزون، ويُعتبر أحد أبرز مظاهر الفرح الجماعي في المنطقة.

في اليوم الأول، يقوم “البراح” وهو المعلن التقليدي في القبيلة، بإشهار خبر الزواج، ويقرع الأجراس في أزقة القرى ليُعلن الحدث السعيد، و في يوم محدد تتوجه النساء إلى بيت العريس وهنّ يحملن القمح، واللوز، وثمار الأركان لصنع زيت أركان وأملو، وهو مزيج من اللوز والعسل والزيت.

خلال  الأيام التالية تُقام الولائم وتُذبح الذبائح، تعبيرًا عن الكرم والفرح، وتستمر الاحتفالات حتى اليوم الخامس بحضور الجيران و الأقارب في حفل بهيج و فريد تزينه النسوة بلباسهن التقليدي الأمازيغي الأصيل.

أسطورة “إيسلي وتيسليت” — حب خالد في ذاكرة الأمازيغ

تُعدّ أسطورة إيسلي و تيسليت من أشهر الحكايات المتوارثة في التراث الأمازيغي، و تدور أحداثها حول شاب يُدعى موحا من قبيلة "آيت إبراهيم" كان يحب فتاة تُدعى حادة من "آيت إعزا"، لكن العداء الدي كان بين القبيلتين اللتان ينتميان اليهما حال دون زواجهما، فانتحر العاشقان موحا غرقًا في بحيرة إيسلي، وحادة في بحيرة تيسليت.

ومنذ ذلك الحين، يُنظّم سنويًا موسم إمليلشيل للخطوبة والزواج الجماعي، تخليدًا لذكراهما، حيث يقصد الشباب المنطقة للزواج في أجواء احتفالية تمزج بين الحب والتراث.

كرنفال “بوجلود” في عيد الأضحى — احتفال بالفرح والهوية

من أكثر العادات شهرة في جهة سوس كرنفال بوجلود، الذي يُقام عقب عيد الأضحى، و خلاله يرتدي المشاركون جلود الماعز ويتجولون في الأزقة وهم يرقصون على إيقاعات الموسيقى الحماسية الأمازيغية المحلية، و يرش الناس بعضهم بالماء فيما يُعرف بـ "زمزم" في أجواء مليئة بالسرور و السعادة، حيث يتحد الفرح الشعبي مع الرمزية الثقافية في مشهد يجذب أنظار الزوار من كل مكان.

الأجواء الرمضانية مع ليلة القدر و عيد الفطر

أجواء رمضان في أكادير

يُعتبر شهر رمضان في مدينة أكادير مناسبة روحانية واجتماعية عميقة الجذور، حيث تستعد الأسر لاستقباله قبل أيام، و ذلك بتزيين البيوت وتنظيفها وإعداد الحلويات التقليدية مثل الشباكية والبريوات والسفوف، كما تُزيَّن الموائد بأشهى الأطباق والمملحات التي تُعبّر عن كرم الضيافة الأمازيغية.

يتوجه الرجال رفقة أبنائهم إلى المساجد لأداء الصلوات، وخاصة صلاة التراويح، في أجواء يسودها الخشوع، كما كما تزيد بين الناس مظاهر المحبة والتكافل و التضامن، كما يغتنم الجميع هذا الشهر لتعزيز الروابط العائلية وصلة الرحم.

ليلة القدر في أكادير

تُعد ليلة القدر من أكثر الليالي انتظارًا وإجلالًا في أكادير، حيث تُقام الصلوات والدعوات و الابتهالات في مختلف المساجد حتى طلوع الفجر، وتعلو أصوات التلاوة والذكر في كل حي.

تنتشر في المنازل روائح البخور والمسك والعنبر، وتُضاء المساجد بالأنوار وتُزيَّن بالزخارف البسيطة، فيما تتبادل الأسر الأطعمة والمشروبات في جو من الصفاء الروحي والتآخي.

تغمر المدينة سكينة خاصة في تلك الليلة، إذ يحرص الجميع على طلب المغفرة والتقرب إلى الله في جو روحاني مهيب ومفعم بالأمل.

عيد الفطر المبارك في أكادير

يُختتم شهر الصيام بقدوم عيد الفطر المبارك الذي يحمل معه البهجة والسرور، فمنذ الصباح الباكر يتوافد السكان على المصلى لأداء صلاة العيد في مشهد جماعي مهيب يوحّد القلوب.

عائلة أمازيغية تحتفل بعيد الفطر حول مائدة بها كعب الغزال والفقاص في أكادير
 لحظة عائلية دافئة في أكادير: طاولة عيد مزينة بحلويات تقليدية وابتسامات الأطفال

بعد الصلاة، تبدأ الزيارات العائلية وتبادل التهاني بين الجيران والأقارب، وتُقدَّم الأطعمة والحلويات المحلية مثل كعب الغزال والفقاص.

يرتدي الأطفال ملابس جديدة ويحصلون على العيدية من الكبار، وتملأ الضحكات شوارع المدينة في أجواء احتفالية دافئة تعبّر عن روح التضامن والمحبة التي تميّز سكان أكادير.

أبرز العادات والمناسبات بمدينة أكادير

المناسبة

أهم الطقوس

الرمزية الثقافية

رأس السنة الأمازيغية

إعداد الكسكس ووضع نواة التمر

التفاؤل والحظ الجيد

الأعراس السوسية

رقص “أحواش” وصنع أملو وزيت الأركان

الترابط الاجتماعي والفرح الجماعي

كرنفال بوجلود

ارتداء جلود الماعز والرقص بالأزقة

الاحتفال بالحياة بعد الأضحية

رمضان وليلة القدر

البخور، الصلوات، والزيارات العائلية

الروحانية والتكافل

عيد الفطر

صلاة المصلى والملابس الجديدة

الفرح والتواصل الأسري

أهم ما يميز عادات وتقاليد أكادير

  • ارتباطها الوثيق بالهوية الأمازيغية الأصيلة.
  • حفاظ الأهالي على الطقوس القديمة رغم الحداثة.
  • الجمع بين الفرح الدنيوي والرمزية الروحية.
  • حضور المرأة الأمازيغية كعنصر مركزي في معظم الاحتفالات.
  • استمرار نقل الموروث الشعبي من جيل إلى آخر.

خلاصة

يمكن القول إن مدينة أكادير ليست فقط وجهة سياحية ساحرة، بل أيضًا متحف حيّ للتقاليد المغربية الأمازيغية، فمن احتفالات السنة الجديدة إلى طقوس الأعراس والأساطير القديمة، تشهد المدينة على غنى ثقافي فريد يعكس أصالة الإنسان السوسي وتشبّثه بجذوره.

وبفضل هذا التراث العريق والبنيات السياحية المتطورة من فنادق ومنتجعات ومطاعم، أصبحت أكادير من أبرز المدن المغربية السياحية في المغرب، و أصبح الزوار لا يأتون فقط للاستجمام، بل لاكتشاف عبق التاريخ وروح الأصالة التي لا تزال تنبض في تفاصيل الحياة اليومية لسكانها.

💬 شاركنا رأيك وتجربتك!
لكل منطقة في المغرب سحرها الخاص، وأكادير واحدة من المدن التي تجمع بين الأصالة والحداثة في عاداتها وتقاليدها الفريدة.
هل سبق لك أن حضرت احتفالًا أمازيغيًا أو عشت أجواء رمضان في أكادير؟ 🤔
اكتب رأيك وتجربتك في التعليقات، وشارك المقال مع أصدقائك لتعمّ المعرفة بجمال ثقافتنا المغربية الأصيلة ✨
ل . رشيد
ل . رشيد
تعليقات