عادات وتقاليد مراكش
ان مدينة مراكش معروفة بعاداتها و تقاليدها الغنية و المتنوعة، و دلك بين ما هو روحي شعائري و صوفي، و بين ما هو اجتماعي ترفيهي... تزخر بها ذاكرتها و تاريخها العريقين، و ندكر في مقالنا هدا بعضا من بين هده العادات والتقاليد المراكشية العريقة على سبيل المثال لا الحصر، لكون المدينة الحمراء حقيقة تحتفظ بالكثير من هده التقاليد الأصيلة الضاربة في جدور التاريخ و غناء موروثها الثقافي الغني، و لا غرابة في دلك فهي مدينة "سبعة رجال" من كبار العلماء و المتصوفين و الأولياء الصالحين.
التقاليد و العادات المشهورة في مدينة مراكش |
أكل العنب المجفف "الزبيب" بضريح "سيدي جابر" في شهر رمضان كدليل على التحمل و الصبر.
ان أغلب عادات و تقاليد مدينة النخيل تعتبر صوفية و مرتبطة بحرف ومناسبات دينية معينة، ترتبط كل واحدة بتقاليدها وطقوسها الخاصة، فهناك عادة أكل الزبيب بالإبرة بضريح سيدي جابر، وهي عادة كانت تمارس في شهر رمضان المبارك، من طرف الطوائف الصوفية "عيساوة ، جيلالة ، درقاوة ، حمادشة وغيرهم ..."، وهو أسلوب لاختبار الصبر و التحمل.. و بحومة بنصالح، يقوم الجزارون باحتفالات وتجمعات للطوائف الصوفية، تبركا بالولي الصالح «ابن صالح » الذي كان جزارا في عهد المرينيين، و كدلك بحومة سيدي ايوب، ينظم الصيادون احتفالهم، سواء منهم البريين أو البحريين الذين يأتون من مدينة أسفي للمشاركة في هده الشعائر الصوفية، معتقدين أن ذلك سيساعد في تيسير عملهم في البحر.
عادة "الحرارون" المعروفة بحومة "سيدي عبد العزيز التباع"
كان يشتهر أهل "حومة سيدي عبد العزيز التباع" بتشبثهم بتقاليدهم الأصيلة، حيث كان يقوم «الحرارون» و هم الحرفيون من صانعي و بائعو الحرير بطقوسهم الصوفية التعبدية الروحية الرائعة، و التي يقدم عليها هؤلاء الحرفيون تيمنا و تبركا بالولي الصالح سيدي عبد العزيز الذي كان صانعا وبائعا للحرير في القرن العاشر الهجري.
عادة "سبع مواسم" التي تشتهر بها حومة "السبتيين"
كما هو الشأن بالنسبة للعادة التي تشتهر بها حومة سيدي عبد العزيز التباع، فان أهل حومة السبتيين، التي يعتبر سكانها من أهل "المحلة"، و لهم صلة بأبي العباس السبتي أحد الرجالات السبع من الأولياء المدفونين بأرض مدينة مراكش الطاهرة، فهم بدورهم حافظوا على تقاليدهم المتأصلة، حيث كانوا ينظمون طقوسا فريدة تسمى «سبع مواسم»، وهي عبارة عن خرجات منظمة دات طابع احتفالي صوفي و روحاني، فيقوم من خلاله المشاركون فيه بالطواف في كل أرجاء المدينة تحت أهازيج و قصائد روحية تعبدية رائعة.
"ديالة عاشوراء" من أهم عادات و تقاليد أهل مراكش
كما تعرف مدينة النخيل أيضا بعادة "ديالة" عاشوراء"، وهي ذنب أو ذيل أضحية العيد، يتم الاحتفاظ بها الى تاسع محرم لتطبخ مع الكسكس بالخضر ما يعرف ب "شطاطو"، و هناك عادة حنة "المزوارات" و تتعلق بالعوانس اللواتي فاتهن سن الزواج، حيث يذهبن إلى ضريح "للا مبيضت السعد"..وهي خرافة قديمة تتعلق ب"لوالية للاعويش المجدوبة" الموجود ضريحها بالقرب من عرصة الملاك .. فتذهب العوانس و يلطخن أيديهن بالحناء التي جمعت من "المزوارات" وهن العرائس حديثات الزواج و لم يسبق لهن أو لأزواجهن الزواج من قبل .. ويعتقدن بأن دلك سيكون "فال خير" يتزوجن بدورهن...
الاحتفال بحساء "عصيدة راس العام" بالموسم الفلاحي الجيد الإنتاج "الصابة"
هناك أيضا الى جانب التقاليد السالفة الدكر، عادة متميزة و قديمة بالمدينة الحمراء و تتمثل في الاحتفال بطبق يسمى ب "عصيدة رأس العام"، احتفالا بموسم فلاحي جيد المعروف لدى الفلاحين ب "عام الصابة" أي وفرة المنتوج، و خلالها تقوم ربات البيوت بإعداد حساء من حبوب الذرة المهشمة تعرف ب "العصيدة"، و تقدم كوجبة عشاء ليلة شهر يناير الفلاحي و تحديدا يوم 13 يناير الإداري، ويؤخذ منه قسط يلصق بمغرفة ويبيت تحت ضوء النجوم، وفي صباح اليوم الموالي يقوم أهل البيت بالبحث فيه عن شعرة تكون قد التصقت بالملعقة "المغرفة"، فان حدث دلك، فذاك بحسبهم دليل على ازدهار الموسم الفلاحي، تحسن وضعية العائلة مستقبلا.
"الحزام" هي عادة أصيلة و متجذرة تخص العروس المراكشية
و هناك عادة "الحزام" و فيها يتم وضع "حزام للعروس" بعد اليوم السابع من الزفاف، وذلك استعدادا للشروع في القيام بأشغال البيت، فتقوم الأسرة بحفلة تشرع فيها العروس في أول مهمة بالمنزل من خلال طهي الطعام وغسل الأواني وغيرها من الأعمال المنزلية. ...
"التخريجة" الصغرى و الكبرى من أهم و أشهر العادات و التقاليد بمدينة مراكش
التخريجة الصغرى
تعد عادة "التخريجة الصغرى" من أعرق العادات بالمدينة الحمراء و كان يقو بها طلبة القرآن أو ما يسمى "المحضرة"... حيث أن كل تلميذ حفظ حزبا من القرآن الكريم، يقوم بنقش لوحته و يستدعي إلى بيت أسرته الفقيه و رفاقه المحضرة، ويستظهر أمام الجميع ما حفظه من القرآن .. وسط حفل بهيج .. وقبل ذلك يتم تغطية اللوحة بقطعة ثوب بيضاء و يجول بها الاطفال حول المتاجر والبيوت و هم يرددون:
"بيضة ، بيضة لله، باش نزوق لوحتي، لوحتي عند الطالب، الطالب فالجنة، والجنة محلولة، ضامنها مولانا، مولانا، مولانالا تقطع رجانا، ارجانا وارجاكم في قبر محمد، محمد واصحابو في الجنة يتصابو،هاد الدار، دار الله، ماليها عبيد الله".
التخريجة الكبرى
و تبقى عادة " التخريجة الكبرى" كأكبر احتفال من "التخريجة الصغرى" و يقوم هدا الاحتفال على شرف الطالب الذي أكمل حفظ و ختم القرآن الكريم أي ستين حزبا أو كما هو معروف لدى العموم «اختم السلكة» . فيتم نقش لوحته ويلبس الطالب جلبابا و"سلهاما" ابيضين ويركب حصانا. و يقوم بجولة عبر دروب وأزقة الحومة .. و يتم اهداءه هدايا قيمة كبيرة، قد تكون منزل أو بقعة، ويتم تكريم فقيهه.. خزانا للكثير من العادات الأخرى.
خلاصة
ان تاريخ مدينة مراكش جد عريق، أثرى ثقافتها و حضارتها، و انعكس على عاداتها و تقاليدها العديدة و المتنوعة، و بفضل دلك و بفضل امكانياتها الهائلة التي تملكها سواء من حيث اشعاعها الدولي أو البنيات التحتية التي تتوفر عليها كالطرق و المنتجعات و الفنادق و المطاعم .....، و توفرها على عدد كبير من المعالم الأثرية القديمة التي تشهد على حضارات الدول المتعاقبة على الحكم بالمغرب، يجعلها من أحسن المدن المغربية و العالمية.
اقرأ المزيد