تاريخ و حضارة مدينة أغادير
تاريخ مدينة أغادير كما باقي المدن المغربية، حافل بالأحداث و المحطات التاريخية المهمة، خصوصا نظرا لكون المدينة تقع على المحيط الأطلسي، كواجهة مهمة للأطماع الاستعمارية، من خلال استغلال ثرواتها و كدا موقعها الاستراتيجي في نقل و استقبال مختلف السلع و البضائع بحرا، و من خلال هدا المقال سنحاول التطرق لأهم هده المحطات التاريخية المهمة في تاريخ مدينة أغادير "عاصمة سوس" الجميلة.
تاريخ و حضارة مدينة أغادير |
أصل تسمية المدينة باسم "أغادير" و أهم المحطات التاريخية التي عاشتها
ظروف تسمية المدينة ب أغادير
ان مدينة أغادير من المدن التاريخية بالمغرب، و يرجع اسم أغادير في اللغة الأمازيغيّة الى الأصول ًالفينيقيّة، و مفاد الاسم هو "المخزن الجماعي" أو "الحصان"، حيث استقر الفنيقييون و القرطاجيون في هده مدينة أغادير بهدف استغلال موقعها الاستراتيجيّ بالقُرب من البحر في التجارة و صد الهجمات و العدوان، وقد أشارت بعض الخرائط الدولية خلال القرن الخامس عشر والقرن الرابع عشر للميلاد إلى هدا الموقع المميز لمدينة أغادير، و قد ولدت شهرتها الدولية مع أحد النبلاء البرتغاليين سنة 1505م، و الدي جعل منها مركزاٍ لتّجارته و كدا بالصيد في مياه بحرها الكبير. و قد مكث مدة طويلة بها و لم يغادرها حتى عام 1513 تاركا خلفه كل أملاكه بها، ليسلمها لملك البرتغال آنذاك الذي عمل على توسعة مينائها و أحدث حامية بمنطقة عُرِفت ب "سانت كروز دي كاب دي غي"، و قد عرفت تطوراتٍ اقتصاديّة مهمة الشيء الدي ساعد في اشعاعها لتصبح قطبا تجاريّاً مهماً خصوصا في عمليات التبادل التّجاري.
مرحلة حكم الدولة السعدية
بعد وصول السعديين الى الحكم بعدما تمكنوا سنة 1541م من استرجاعها و السيطرة و تحديدا ابان حكم محمد الشيخ السعدي، هدا الأخير الدي أولاها اهتماما كبيرا من حيث جعلها محطة تجارية مهمة في ترويج السلع مما ساعد في تنمية و تطوير اقتصاد المدينة، كما اهتم بالعمران فيها و تهيئتها، و بعد وفاته تولي ابنه الحكم، فأبقى على مكانة المدينة الاستراتيجية و قام ببناء القصبة الشهيرة المُطلّة على مياه المحيط، لكن سرعان ما بدأ اقتصادها يتراجع خاصة خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، و دلك بسبب نقل أغلب الأنشطة التجارية من مينائها إلى ميناء مدينة الصويرة (موغادور).
مدينة أغادير فترة الحماية الفرنسية
مند سنة 1911 م عرفت المدينة كباقي المدن المغربية الأخرى سيطرة الاحتلال الفرنسي، و في صراع حول المستعمرات قام الاحتلال الألماني بإرسال بارجته المعروفة بمسمى "النمر" إلى ميناء أغادير تحت دريعة حماية مواطنيها المتواجدين على أرض المملكة المغربية و لا سيما مدينة أغادير، الشيء الدي عجل بتدخل فرنسا وبسط سيطرتها على مدينة أغادير و دلك سنة 1913م قبل ا، تتدخل فرنسا، و تم استغلال ثروات المدينة و ضواحيها أبشع استغلال، من خلال نهب خيراتها و استعباد سكانها من قبيل أعمال السخرة و غيرها، فبرزت مجموعات مقاومة بمختلف مناطق و قبائل المغرب، الدين دخلوا في صراع مع المستعمر بشراسة و تضحية كبيرة، و حققوا عدة انتصارات بأسلحتهم المتواضعة في مقابل عتاد و أسلحة المستعمر المتطورة، و بعد استشهاد العديد من رجال المقاومة، تمكن المغرب أخيرا من حصوله على استقلاله سنة 1956 م.
زلزال مدينة أغادير 29 فبراير 1960 ميلادية
بعد مدة قصيرة من حصول المغرب على الاستقلال و تنفسه الصعداء، و بينما شرع في الإصلاح و البناء و تجاوز مخلفات الاستعمار، ادا مشيئة الله قدرت وقوع زلزال مدمر كان الأعنف في تاريخ المغرب، و الدي تعرضت له المدينة بتاريخ 29 فبراير 1960م، و تحديدا الساعة 11 ليلا ، أتى على المدينة بكاملها، و قد خلف هدا الزلزال عددا كبيرا من الموتي و الجرحى و الأيتام و الأرامل ..... مع خسائر مادية في الممتلكات الخاصة و البنيات التحتية كالطرق و معدات الانارة و التزويد بالماء و تدمير المؤسسات العمومية ......، و بعدها تظافرت جهود الدولة برجالاتها و مواطنيها بقيادة ملكها الهمام، و تم بناء مدينة أغادير الحديثة، كما تم ايلائها أهمية كبيرة من حيث إعادة تهيئة بنياتها التحتية و انجاز عدة مشاريع ضخمة ساهمت في إعادة الحياة و الاشعاع لهده المدينة الرائعة.
أهمية مدينة أغادير في الفترة الحالية
بعد تولي الملك محمد السادس قيادة المملكة المغربية الشريفة، و على درب والده المرحوم الحسن الثاني و قبله جده المرحوم محمد الخامس، أبقى على اهتمامه بهده المدينة الجميلة، و أشرف على انجاز عدة مشاريع ضخمة ساهمت في تنميتها و تطوير اقتصادها، كما تم الاهتمام بإعداد مختلف البنيات التحتية و في المستوى العالي من خلال بناء أفخم الفنادق و المطاعم و المنتجعات و المركبات السياحية، و تم مدها بالطريق السيار بربطها بمدينة مراكش، و ربطها بالطريق السريع المؤدي الى غاية مدينة الداخلة البهية، و كل هده المؤهلات الى جانب ما تتوفر عليه من تنوع طبيعي كالبحر، و الجبال و السهول و الهضاب و الغابات ..... جعلها قبلة سياحية رائدة ليس على المستوى الوطني فحسب و انما على المستوى الدولي، كما تتوفر على ميناء و مطار دوليين، و أسواق ممتازة عصرية، و غير دلك من المرافق و البنيات، كما أن المدينة تعتبر استراتيجية في موقعها الدي يربط شمال المغرب بجنوبه العزيز، و بوابة مختلف الشاحنات التجارية الضخمة القادمة من المغرب و أوروبا صوب الدول الافريقية، فهي محور مهم في الحركة التجارية و الاقتصاد المغربي.
خلاصة
تعتبر مدينة أغادير "عاصمة سوس" من المدن العريقة، و تحفل بتاريخ مهم، كما أنها تضم عدة معالم تاريخية سياحية، كالقصبة و موقع أغادير أوفلا ، مسجد محمد الخامس ، سوق الأحد ، .......، و نظرا لأهميتها بالنسبة للمنطقة و بالنسبة للمغرب عموما، فانه على السلطات الوطنية و المحلية و المنتخبون ايلائها المزيد من العناية و الاهتمام، و خصوصا حماية و صيانة معالمها التاريخية العريقة.
اقرأ المزيد