اكتشف عالم التبوريدة في المغرب
![]() |
| فرسان التبوريدة يبدعون في إطلاق البارود المتزامن وسط أجواء احتفالية تراثية |
كنت طفلاً صغيراً وأتمنى أن أذهب مع والدي لمشاهدة التبوريدة، كانت هذه المهرجانات فرصة للاحتفال بالتراث المغربي الأصيل، و هده المهرجانات تجسد تقاليد المغرب الراسخة و المتجذرة أبا عن جد مند زمن بعيد.
فن "التبوريدة" يجمع بين الفرجة و يساهم في توطيد العلاقات المجتمعية بين مختلف الناس الدي يحضرون كمشاركين أو كزوار من مختلف مناطق المغرب، كما أن الخيول لها رمزية كبيرة في الثقافة المغربية، كما أن الفرسان البارعون الدين يظهرون مهاراتهم الفريدة ويثيرون إعجاب الجمهور بلباسهم التقليدي الرمزي الخاص بفن التبوريدة ينم عن أصالتهم و شجاعتهم و عروبتهم.
أبرز معالم التبوريدة
- التبوريدة فن فروسية تقليدي مغربي يمتد جذوره إلى القرن الخامس عشر.
- تم إدراج التبوريدة ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو في عام 2021.
- يشهد المغرب تزايدًا في تنظيم مهرجانات التبوريدة، خاصةً في فصل الصيف.
- تشارك الفتيات والنساء بشكل ملحوظ في عروض التبوريدة.
تاريخ فن التبوريدة وأصوله في المغرب
فن التبوريدة في المغرب يعود إلى القرن الخامس عشر، هذا الفن يرتبط بالتقاليد والعادات المحلية، و اسمه مشتق من البارود المستخدم في العروض.
جذور التبوريدة في القرن الخامس عشر
فن التبوريدة يعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي، في ذلك الوقت، كان جزءًا من الثقافة المغربية، و ارتبط بالتقاليد والعادات المحلية.
أهمية التبوريدة في الثقافة المغربية
إدراج التبوريدة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي
تم إدراج التبوريدة في قائمة التراث العالمي في شهر دجنبر من سنة 2021م، و هذا يبرز أهميتها الثقافية والتاريخية داخل المملكة، كما يؤكد أنها جزء من التراث الثقافي العالمي.
طقوس وتقاليد عروض التبوريدة
عروض التبوريدة تعبر عن فن الفروسية المغربية، تتضمن طقوس وتقاليد فريدة، هذه الطقوس لها مكانة مهمة في الثقافة الشعبية.
بداية العرض، الفرسان يصطفون في صف مستقيم، و القائد "المقدم" يرشدهم و يوجه لهم التعليمات، كما أن الفرسان يرتدون زيًا تقليديًا موحدًا.
في نهاية السباق، يطلق الفرسان النار في الهواء في نفس الوقت مما يجعل دوي البارود متناغما، و هو ما يضفي على العرض لمسة فنية رائعة.
تتميز هذه العروض بأهازيج شعبية وموسيقى تقليدية، مثل "الهيت" و "الطقطوقة" الجبلية و"النفار"، حيث أن هذه الموسيقى تزيد من جمال العرض و جاذبيته.
أهم التقاليد المرتبطة بفن التبوريدة
- تقاليد الفروسية : تتمثل في ارتداء زي تقليدي موحد للفرسان، ترويض المهور و تعودها على اللجام، و يعد أيضا الحصان البربري رمزا مميزا للثرات المغربي الأصيل.
- طقوس التبوريدة : تتمثل في اصطفاف الفرسان في صف مستقيم، الركض في مجموعة متوازية ، اطلاق النار في نفس الوقت بأمر من المقدم، مع مرافقة العرض لأهازيج شعبية محفزة.
هذه الطقوس والتقاليد تعكس عمق فن الفروسية المغربية، الدي تمتد جذوره إلى قرون خلت، كما أن إدراج "التبوريدة" ضمن التراث الثقافي غير المادي يؤكد على أهميتها الثقافية والتاريخية، حيث أن عروض التبوريدة تعد جزءا من الهوية الثقافية و جزءا لا يتجزأ من الحضارة المغربية، و هو ما يسهم في تعزيز الشعور بالانتماء والاعتزاز و الافتخار بقيمة تقاليد و حضارة الوطن العريقة.
أشهر مهرجانات التبوريدة في المغرب
في المغرب، مهرجانات التبوريدة تعد حدثًا فريدًا في عالم الفن والثقافة، هذه المهرجانات تنظم عروض فن الفروسية التقليدي، الذي يعود لعصور قديمة، وتُعتبر هذه الأحداث جزءًا أساسيًا من التراث والثقافة المغربية.
يشهد المغرب تنظيم عدة مهرجانات للتبوريدة بمختلف مدنه و قراه، و أهمها مهرجان "سيدي بوزيدة " بجهة دكالة، مهرجان المنصورية للفروسية التقليدية والتبوريدة، مهرجان أبي الجعد، مهرجان حد كورت بجهة الغرب، مهرجان كليم، مهرجان العيون، .... و غيرها من المهرجانات الأخرى.
المشاركون والفرق المتنافسة
تشارك في هذه المهرجانات فرق من كل أنحاء المغرب، ويشمل ذلك فرق نسائية في إحدى المهرجانات، و تزيد أهمية كل منها حسب عدد المجموعات و الفرسان و الخيول المشاركة فيها، ففي بعضها يشارك ما يقارب 50 سربة، من بينها نحو 3 سربات نسائية.
معايير التقييم والمنافسة
يتم تقييم الأداء بناءً على عدة معايير، و تشمل هذه المعايير تنظيم الملابس التقليدية، توقيت الانطلاق، وإيقاع الحركات، و كدا توازي طلقات البارود في نفس الوقت، و انسجام و تناغم المجموعة عند الركض، و هذه المعايير تضمن الحفاظ على الطابع التقليدي للعروض.
الملابس التقليدية والمعدات المستخدمة
في عروض التبوريدة، يلعب الزي التقليدي والمعدات دورًا كبيرًا، حيث أن المقدم يرتدي جلباب و "سلهام" لتمييزه عن الآخرين كونه هو الدي يتولى قيادة السربة، هذا يزيد العرض جمالًا وغنى، أما الفرسان فيرتدون زيًا تقليديًا موحدًا لتوحيد المجموعة "السربة"، و المعدات مثل البنادق والسيوف تُستخدم بمهارة، طبقا لتعليمات "المقدم".
![]() |
| أزياء الفرسان التقليدية وزينة الخيول تعكس الهوية الثقافية المغربية الأصيلة |
و تبقى الخيول هي الأداة الأساسية في هذه العروض، فيتم اختيار أجود أنواع الخيول الأصيلة التي تتأقلم مع المجموعة و تضفي سحرًا وبهجة على العروض.
دور المقدم والفرسان في العرض
* المقدم: في عروض التبوريدة المغربية، مقدم التبوريدة يلعب دورًا مهمًا، حيث يبدأ العرض تحت قيادته ويتحكم في تنظيمه الى حين الانتهاء لضمان الانسجام بين كل أعضاء مجموعته، فيجب عليه أن يحدد الوقت بداية العرض ومدته، ويوجه الفرسان و يعطى أمر اطلاق البارود في السماء، لدلك يحتاج إلى مهارات القيادة لضمان جودة العرض.
* فرسان التبوريدة : هم من يقومون بأداء الحركات الفنية، و بدورهم يحتاجون لتدريب دقيق و ترويض الخيول التي يركبونها، و يختلف عدد كل "سربة" حسب القرى و القبائل التي ينتمون اليها و الدي يصل في بعض الأحيان إلى مائة فارس، و خلال العرض ينتظم الفرسان في صفوف مستقيمة في انسجام تام، بما فيهم النساء أيضًا المشاركات أحيانا في بعض هذه العروض التقليدية، و ينفدون أوامر "المقدم" لضمان مرور جيد أما الجمهور و لجنة التقييمات.
تحديات الحفاظ على فن التبوريدة
يلعب فن التبوريدة دورا مهما في حماية التراث المغربي، لكنه، يواجه تحديات كثيرة، من أهمها نقص الدعم المؤسسي وارتفاع تكاليف رعاية الخيول من قبل الفرسان خصوصا منهم المنتمون الى أوساط ضعيفة، حيث أن الحفاظ على التبوريدة يعتمد بشكل كبير على الفلاحين في المناطق الريفية، كونهم هم من يحافظون على تربية الخيول الأصيلة و يساهمون في التعريف بهذا الفن التراثي الأصيل و تلقينه للأجيال الجديدة.
و من أجل الحفاظ على هدا الفن ينبغي زيادة الدعم الحكومي و التمويل و تشجيع الفرسان و تحفيزهم بجوائز قيمة و مساعدتهم في العناية بالخيول و تأصيلها، إضافة الى تشجيع العنصر النسوي للنخراط أكثر ضمن هده المجموعات "السربات" ، و التعريف ب "التبوريدة" إقليميا و عالميا، لتساهم في السياحة المغربية و جلب الزوار من مختلف بقاع العالم.
"التبوريدة هي فن أصيل يعكس تاريخ المغرب وهويته الوطنية، من الضروري الحفاظ عليه وإشراك الأجيال الجديدة في ممارسته " عن أحد مشاركي عروض التبوريدة.
![]() |
| مهرجانات التبوريدة تجمع الناس من كل أنحاء المغرب في أجواء احتفالية تراثية |
الخلاصة
فن التبوريدة هو جزء مهم من الثقافة المغربية يجمع بين الفروسية، التقاليد، والموسيقى الشعبية التراتية، و رغم التحديات، مثل فقدان بعض جوانبه، هناك جهود كبيرة تبدلها الحكومة و مختلف المتدخلين المحليين و الو طنيين لصون و حماية هذا التراث العريق، و مع دلك ينبغي المزيد من التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني بكل أطيافه في سبيل تكريس هدا الفن لاستمراره، كونه جزء من الحضارة المغربية و أيضا يساعد في تعزيز السياحة الثقافية في المغرب.


