تجربة السياحة المستدامة بالمملكة المغربية
السياحة المستدامة لم تعد مجرد خيار جانبي، بل أصبحت ركيزة أساسية في تطوير الوجهات السياحية حول العالم، و المغرب بدوره تبنّى هذا التوجه من خلال برامج وطنية وجوائز خاصة تهدف إلى تشجيع المبادرات التي توازن بين حماية البيئة وتقديم تجربة سياحية أصيلة، ومع تزايد اهتمام المسافرين بالسفر الواعي، برزت مشاريع رائدة في مدن مختلفة جعلت من المملكة وجهة ملهمة في هذا المجال.
ولفهم مكانة المغرب أكثر في خريطة السياحة العالمية، لا يكفي فقط التعرّف على مبادرات الاستدامة، بل أيضًا اكتشاف جمال معالمه المتنوعة من حدائق ومتاحف وقصور تاريخية وغير من المعالم الكثيرة المنتشرة عبر مختلف ربوع المملكة.
على سبيل المثال، يُمكنك القيام بجولة ممتعة بين حدائق المنارة و ماجوريل، أو مسجد الكتبية أو قصر الباهية وغيرها من المعالم لتي تُبرز جانبًا آخر من سحر مراكش وتكشف كيف يمكن للطبيعة والفن أن يلتقيا في انسجام، أو جامعة القرويين بفاس التي تعد أقدم جامعة في العالم، أوصومعة حسان و قصبة لوداية في الرباط التي تنم عن عراقة الحضارة المغربية ...
ما هي السياحة المستدامة؟ مفهومها وأهميتها عالميًا
السياحة المستدامة هي شكل حديث من السفر يوازن بين متعة الزائر والحفاظ على البيئة والمجتمع المحلي، والفكرة الأساسية تقوم على استهلاك الموارد الطبيعية بشكل مسؤول، مع حماية التراث الثقافي وضمان استفادة السكان المحليين، لذلك فقد اعتمدت منظمة السياحة العالمية (UNWTO) هذا التوجه كأحد أعمدة مستقبل السياحة.
اليوم، أصبحت السياحة المستدامة مسارًا إلزاميًا في ظل التغير المناخي وضغوط الموارد الطبيعية التي تواجه عدة صعوبات و تحديات تهددها بالاستنزاف، فقامت العديد من الدول بوضع قوانين وتشريعات خاصة لتعزيزها، مما يجعلها قطاعًا واعدًا للاستثمار والبحث. بالنسبة للمغرب، فإن هذا التوجه يحمل قيمة مضاعفة بفضل تنوع طبيعته وغناه الثقافي.
المغرب وجهة رائدة في مجال السياحة المسؤولة
المغرب يُعتبر من الدول العربية الرائدة في دمج مفهوم السياحة المستدامة ضمن استراتيجياته الوطنية، حيث أن وزارة السياحة أطلقت برامج خاصة لتشجيع الفنادق والمنتجعات على احترام البيئة والاعتماد على الطاقات المتجددة، كما أن المغرب تبنّى مخطط "رؤية 2020 للسياحة" الذي ركّز على البعد البيئي والاجتماعي للسفر.
هذا التميز جعل المغرب يحصل على إشادة من مؤسسات دولية، خصوصًا في مؤتمرات البيئة مثل مؤتمر المناخ (COP22) الذي انعقد في مراكش، فالمملكة المغربية تحاول أن تجعل من السياحة وسيلة لحماية الواحات، القرى الجبلية، والمناطق الساحلية.
جوائز السياحة المستدامة في المغرب: لمحة تاريخية وأهدافها
جوائز السياحة المستدامة في المغرب أُطلقت بهدف تشجيع المبادرات التي تجمع بين الابتكار واحترام البيئة، وهذه الجوائز تُمنح سنويًا من طرف وزارة السياحة بشراكة مع مؤسسات وطنية ودولية، و الهدف منها إبراز المشاريع التي تسعى لتقديم تجربة سياحية متوازنة وصديقة للطبيعة.
منذ تأسيسها، ساهمت هذه الجوائز في تحفيز العشرات من المشاريع الريفية والفنادق الصغيرة على الاستثمار في الطاقة النظيفة وإدارة الموارد المائية بشكل عقلاني، كما شجّعت على إشراك المجتمعات المحلية في رسم تجربة سياحية أصيلة.
نماذج ملهمة من المشاريع الفائزة بالجوائز
المشروع |
الموقع |
الميزة
الأساسية |
رياض صديق
للبيئة |
مراكش |
استخدام
الطاقة الشمسية وإدارة النفايات |
مبادرة
السياحة القروية |
الأطلس
المتوسط |
إشراك
العائلات المحلية في استقبال السياح |
مشروع
الواحات الخضراء |
درعة
تافيلالت |
الحفاظ على
أشجار النخيل وترشيد المياه |
مخيم سياحي
صحراوي |
مرزوكة |
الاعتماد
على الطاقة النظيفة وتجربة بدوية أصيلة |
التجارب السياحية المستدامة الأكثر شعبية بين الزوار
السياح الذين يقصدون المغرب اليوم يبحثون عن أكثر من مجرد فنادق فاخرة، حيث أن الكثير منهم يرغبون في خوض تجارب فريدة و متميزة بين أحضان طبيعة نظيفة، مثل قضاء ليلة في مخيم صحراوي يعمل بالطاقة الشمسية أو استكشاف القرى الجبلية بمساعدة مرشدين محليين، و هذه التجارب تعكس الوجه الحقيقي للسياحة المسؤولة.
![]() |
مخيمات في قلب الصحراء تستخدم الطاقة النظيفة |
الرحلات البيئية إلى واحات الجنوب، أو المبيت في رياض تقليدي يُقدّم أطباق محلية بمكونات عضوية طبيعية، أصبحت جزءًا من برنامج سفر الكثير من الأجانب، وهذا ما يعكس تنامي الطلب على سياحة مختلفة تُحافظ على أصالة المغرب.
دور المجتمعات المحلية في تعزيز السياحة البيئية
لا يمكن للسياحة المستدامة أن تنجح دون مشاركة السكان المحليين في مناطق مثل الأطلس أو واحات الجنوب، حيث يُساهم القرويون في توفير العديد من الخدمات للسياح مثل الإقامة التقليدية، جولات المشي، وحصص الطبخ وغيرها، و هذا الاندماج يعزز الاقتصاد المحلي ويخلق فرص عمل جديدة.
كما أن مشاركة المجتمعات المحلية تجعل التجربة أكثر واقعية، فالسائح الذي يتذوق طبقًا محليًا من إعداد أسرة أمازيغية أو يشارك في حصاد الزيتون، يعيش لحظات أصيلة لا يمكن أن يجدها في الفنادق العالمية.
إسهام السياحة المستدامة في الاقتصاد المغربي وحماية البيئة
السياحة المستدامة لا تقتصر على الجانب البيئي فقط، بل لها تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني، فحسب تقارير وزارة السياحة، هذا القطاع يُساهم بنسبة مهمة من الناتج الداخلي الخام ويوفر آلاف فرص العمل خصوصًا في المناطق القروية.
من الناحية البيئية، المشاريع المستدامة تساعد على حماية التنوع البيولوجي وتقليل انبعاثات الكربون، كما أن المبادرات مثل اعتماد الطاقة الشمسية في المخيمات الصحراوية أو برامج إعادة تدوير المياه في الفنادق فقد أصبحت أمثلة حيّة على التغيير.
تحديات السياحة المستدامة بالمغرب وكيفية تجاوزها
رغم الإنجازات، لا يزال هناك تحديات تواجه هذا المسار الواعد، و من أبرزها ضعف الوعي عند بعض المستثمرين، قلة التمويل للمشاريع الصغيرة، وصعوبة تحقيق التوازن بين الربحية والحفاظ على البيئة، و هذه العقبات تجعل الطريق نحو سياحة مستدامة طويلة ومعقدة.
لكن الدولة المغربية قد أطلقت عدة برامج دعم وتمويل موجهة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما أن الشراكات الدولية مع منظمات البيئة تساعد على توفير الخبرة والتمويل، ومع مرور الوقت، يزداد عدد المبادرات الناجحة و الملهمة على أمل زيادة المهتمين و أصحاب المشاريع الرائدة في هذا المجال.
نصائح عملية للمسافرين: كيف تختار تجربة سياحية مسؤولة بالمغرب؟
- اختر فندق أو رياض يعتمد على الطاقات النظيفة المتجددة.
- شارك في رحلات تنظمها مجتمعات محلية لتعيش تجربة واقعية فريدة.
- ادعم الحرفيين بشراء منتجات تقليدية أصيلة لتشجيعهم للمزيد من العطاء و الحفاظ على هذا الموروث الثمين.
- تجنّب الأنشطة التي تضر بالحياة البرية أو الطبيعة للمساهمة في خلق فضاء نقي و نظيف و زرع الحياة في البيئة المهددة.
- احرص على تقليل استهلاك البلاستيك خلال سفرك للمحافظة على البيئة.
الخلاصة
في النهاية، يتضح أن السياحة المستدامة بالمغرب ليست مجرد شعار، بل واقع ملموس يتجلى في الجوائز والمشاريع التي تحرص على التوفيق بين متعة السائح والحفاظ على البيئة، كما أن هذه الجهود تضع المملكة في مقدمة الوجهات السياحية المسؤولة، وتفتح آفاقًا واسعة لتجارب جديدة تعكس غنى التراث المغربي وتنوع طبيعته.
ولمن يرغب في استكشاف الوجه الحقيقي للمملكة بعيدًا عن النمط التقليدي، فإن برمجة رحلة الى أهم الوجهات السياحية داخل المغرب يعتبر خيارًا مثاليا، لكون هذا البلد معروف بحضارته و تفرد ثقافته وكرم و حسن ضيافة أهله، لذلك فانك ستستمتع بالتعرف على تقاليد شعبه وتذوق أطباقه التقليدية الشهية، و اكتشاف مختلف المعالم التاريخية العريقة ...